والثاني على تسليم ما تقدم فإطلاقه أيضًا مشكل، لأن (أو) يحتمل الكلام معها أمرين، أن يكون مبنيًا أولًا على الشك، وأن يكون مبنيًا على اليقين، ثم عرض الشك فاستدركه، بخلاف (إما) فإن الكلام معها مبني على الشك بلا بد. ولذلك وقعت في أول الكلام لتؤذن بالمراد، فهذا في الشك، ولا يبعد مثله في الإبهام وغيره.
فالجواب عن الأول أن المعاني المعتمد على القياس فيها، والمشهورة في (أو) هي الخمسة التي تشاركها فيها. وأما المعنيان الباقيان فمن القلة بمكان. ولذلك أشار إلى (النقل) في معنى (الإضراب) حين قال: "وإضراب بها أيضا نمي" وصرح بـ (الندور) في معنى (الواو) بقوله: " وربما عاقبت الواو" فلما كانت كذلك في المعنيين لم يعتبر بهما، وصارت المماثلة راجعة إلى ما كان قياسا.
وعن الثاني أن أطلاقه للماثلة إنما هي بالنسبة إلى (إما) الثانية، ولا شك أنها مثل (أو) في إعطاء الشك أو الإبهام أو التخيير أو غير ذلك من المعانب، لا فرق بينهما في هذا، وأما بناء الكلام على الشك أو غيره حتمًا مع (إما) فإنما حصل بـ (إما) الأولى لا الثانية، ولذلك عرفوا الأولى بأنها حرف إشعارٍ بما سيقت له الثانية، ويعضد ذلك أنها إذا جاءت في الشعر غير مكررة فالفراء يجعلها كـ (أو) كما في قول الفرزدق أو غيره: