النحوي قاله في قصة المتلمس:
ألقي الصحيفة كي يخفف رحله ... والزاد حتى نعله ألقاها
على رواية نصب "النعل" كأنه جعل "النعل" بعضا لما قبل "حتى" مجازا، فصار في التقدير: ألقي ما يشغله حتى نعله. ويجوز في البيت غير هذا.
وهنا مسألتان، أحدهما أنه لم يذكر لـ (حتى) ما ذكر لما قبلها من الترتيب، فدل ذلك على أنها لا تقتضيه، فإذا قلت: قدم الحاج حتى المشاة، وزارني الناس حتى الأمير- لم يكن في ذلك دليل على تأخير قدوم المشاة عن جملة الحاج، ولا تأخير زيارة الأمير عن زيارة غيره من الناس.
وزعم بعض الناس أنها تقتضي الترتيب، فما بعدها مرتب على ما قبلها، فالأمير إنما زار بعد ما زار الناس، والمشاة إنما قدموا بعد قدوم الحاج، وكذلك سائر الأمثلة.
وهذه دعوى لا دليل عليها، وفي الحديث ما يدل على خلافها، وهو قوله عليه السلام: "كل شيء بقضاءٍ وقدرٍ حتى العجز والكيس" وليس في القضاء ولا في القدر ترتيب، وإنما الترتيب في ظهور المقضيات والمقدورات.