وقد تكون عاطفة، وهي التي ذكر هنا، وهي أقل الأقسام في الكلام استعمالا.
ومعناها الغاية هنا، واشعر بذلك منصرفها في العطف، ولذلك قال: إنها لا تكون إلا غاية الذي تلا. وكذلك هي في باب الجر. وقد عرف بذلك ثمة.
ويريد هنا أنه لا يعطف بـ (حتى) إلا إذا اجتمع شرطان:
أحدهما أن يكون ما بعدها بعضًا، وما قبلها كلا لذلك البعض، وهو قوله: "بعضًا بحتي اعطف على كل" فلو كان ما بعدها غير بعضٍ لما قبلها لم يجز العطف بها بمقتضى مفهوم كلامه، فلا تقول: عجبت من الجارية حتى من ابنها، كما تقول: أعجبتني الجارية حتى كلامها، وحتى شعرها.
والثاني أن ذلك البعض لا يكون إلا غاية لما قبله، وذلك قوله: "ولا يكون إلا غاية الذي تلا" فضمير "يكون" عائد على "البعض" و "الذي" واقعة على "الكل" وعائده محذوف، وفاعل "تلا" هو "البعض" وتقديره: ولا يكون ما بعد (حتى) وهو البعض، إلا غاية الكل الذي تلاه بعضه.
ومعنى كونه غايةً أي في زيادة أو نقصان، أو كثرة أو قلة، أو قوة أو ضعف، أو صفر أو كبر، أو نحو ذلك. فلو لم يكن ما بعد (حتى) غاية لم يعطف بها. فلو قلت: خرج الفرسان حتى بنو فلان، وهم من وسط (الفرسان) لم يجز، لأن الغاية لا تصح إلا في الأطراف العالية أو السافلة.
وضابط ذلك أنه يزيد بذكره تعجبًا ومبالغةً في المعنى، بحيث لو لم يذكر لم يحصل الشعور به.