ومن هذا قولك: هذان زيد وعمرو، وهو لا أبوك وأخوك وابنك، فلا يصح ههنا العطف إلا بالواو، إذا لا يغني المتبوع عن التابع، فلا تقول: هذان زيد، ولا هو أبوك، مقتصرًا.
فكذلك لا تقول: هذان زيد فعمرو، ولا هو أبوك ثم أخوك ثم ابنك، وذلك أن المعطوف هنا مع المعطوف عليه في قوة الاسم المثنى والمجموع، والمثنى والمجموع مرادفان لما يقتضي معناهما من الجمع المطلق، وذلك للواو لا لغيرها، وإنما كانا في قوة المثنى والمجموع لأنهما جاريان على مثنى أو مجموع، فليس المعطوف عليه بمعتبر فيه تقديم، كما أن المعطوف لا يعتبر فيه تأخير، لأن المتبوع يطلبهما طلبًا واحدًا من غير اعتبار ترتيب ولا غيره، فالعطف بغير الواو ينافي ذلك القصد، ويقتضي أن المعطوف عليه في حكم الاستقلال، لكن ترتب عليه ما أريد ترتيبه.
وكذلك الحكم في سائر حروف العطف، لا تقول:
هذان زيد لا عمرو وهذان زيد بل عمرو، ولا اصطف هذا/ بل ابني، أو لا ابني، أو ما أشبه لك، وذلك فيه أجلي، وهذا التعليل مشار إليه بقوله: "الذي لا يغني متبوعة".
ويدخل تحته أيضًا ما كان من نحو: مررت برجلين صالح وطالح، وبرجلين مسلم وكافر، ومررت برجال كاتب وشاعر وفقيه. قالوا: وتتعين هنا دون غيرها، إذ لا يغني المتبوع عن التابع، وأنشد سيبويه: