أحدهما أن يكونا بمعنى (بل) للإضراب: وحكمهما في المعنى حكم (بل) في أنهما من القسم الثاني الذي يشرهك في اللفظ فقط.
والآخر أن يكونا لغير ذلك، وحكمها كما قال. فيقتضي إطلاقه هنا أنهما يشركان في اللفظ والمعنى في كلا الوجهين، وذلك غير صحيح. ولذلك تحرز في "التسهيل" فقال: وكذا (أم، وأو) إن اقتضيا إضراباً، يعني أنهما كـ (بل، ولا).
والجواب أن كلامه هنا مطلق، قيده ما بعده، إذ تكلم على واحد منهما، وإذا كان مقيدًا لم يبق عليه فيه اعتراض.
والقسم الثاني ما يأتي للعطف المقيد. ومعنى المقيد أن يكون التشريك في اللفظ لا في المعنى. وهو قوله: "واتبعت لفظًا فحسب بل ولا" إلى آخره.
يعني أن هذه الأحرف الثلاثة، وهي (بل، ولا، ولكن) تتبع الثاني الأول في اللفظ خاصة، لا في اللفظ والمعنى معًا، كقولك: ما قام زيد بل عمرو، وقام زيد لا عمرو، وما قام زيد لكن عمرو.
ومثل الناظم هذا بقوله: "لم يبد امرؤ لكن طلا" قيل: أثبتت للثاني ما نفي عن الأول، و (لا) بالعكس، نفت عن الثاني ما ثبت الأول، و (لكن) بمعنى (بل) توجب للثاني ما نفي عن الأول، فأنت ترى كيف لم تشرك هذه الأحرف الثلاثة في معنى العامل أصلًا. و (الطلا) بفتح الطاء ولقصر: الولد من ذوات الظلف، وهو المراد هنا. وقد يطلق ويراد به الشخص، قاله الجوهري، وليس بمراد هنا.