وما ذكر فهو الذي قال به، ولا أعلم في كونها للعطف خلاقًا إلا (لكن) فإنها مختلف فيها على حسب ما يأتي إن شاء الله في موضعه.

ولما أراد عد هذه الحروف قسمها أولًا قسمين:

أحدهما ما يأتي العطف المطلق، ومعنى ذلك أن يكون تشريك الثاني مع الأول في اللفظ والمعنى.

ويدل على هذا القصد قوله في القسم الثاني: "وأتبعت لفظًا فحسب كذا وكذا". فأشار بهذا إلى أن الأول أتبع في اللفظ والمعنى، فهو قوله: "مطلقًا".

واتى لهذا القسم بستة أحرف وهي: الواو، وثم، والفاء، وحتى، وأم، وأو.

وعطف بعضها على بعض بغير حرف عطف ضرورة، وقصر لفظ (فا) ونقل همزة (أو) إلى ميم (أم).

ثم مثل/ بالواو، وهو قوله: "كفيك صدق ووفا" أي: فيك هذان الأمران، فقد اشترك الصدق والوفاء في العامل الأول في لفظه ومعناه، فإنك إذا قلت: قام زيد وعمرو- فالقيام حاصل لهما معاً، وقد ارتفعا به على جهة واحدة.

وكذلك قام زيد ثم عمرو، وقام زيد فمرو، وقدم المسافرون حتى المشاة، فالمشاة من جملة القادمين.

وكذلك إذا قلت: أزيد في الدار أم عمرو؟ لأن قائل هذا الكلام عالم بأن الذي في الدار أحدهما، وغير عالم بتعيينه، فالذي بعد (أم) مساوٍ للذي قبله في الصلاحية لثبوت الاستقرار في الدار وانتفائه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015