إما أن يقال: أن جميع ما استدرك عليه داخل له مثاليه، وذلك أن كله دائر على حرف واحد، وهو عدم صلاحية وقوع الثانى موقع الأول، وإذا تتبعت جميع المواضع وجدتها كذلك، فيكون على هذا قول الناظم: «في غير نحو كذا» مشيرا إلى كل موضع لا يحل فيه الثانى محل الأول. وإذا كان كذلك دخل جميع ما يحتاج إليه، مما ذكر ومما لم يذكر، وإنما عين الموضعين لشهرتهما في النقل.

وإما أن يكون اقتصر على الموضعين لوجود السماع فيهما، فإن الذى سمع عن العرب في تعيين العطف محصور في البابين، وما سواهما فإنما هو تفريع بالقياس لا اتباع للسماع ويكون إذ ذاك قد نبه على جميع المواضع المتصورة في باب «النداء» ولأن السماع وارد فيه وإن لم يرد في جميع مسائله، فيدخل له، مما استدرك عليه، مسائل «النداء» كلها وهي ست، وتبقى المسائل الأربع كأنه لم يتعرض لها، لإمكان أن يقول قائل بعدم القياس فيها، أو بعدها من النوادر التى لا يعتد بها في مثل هذا المختصر.

وإما أن يقال: إنه اتبع في ذلك الجمهور، وجرى على طريقهم من غير نظير فيما يلزم عن ذلك، وهذا خلاف عادته، ولكنه ممكن على الجملة.

وإذا ثبت هذا فتلك المواضع المعترض بها ليست بمخلصة كلها، بل في بعضها نظر. أما الأول، فإن البدلية فيه سائغة، والربط بالبدل فيه خلاف، فقد مر ذلك في باب «الاشتغال» وتقدم أن ظاهر كلامه هناك أن «العلقة» حاصلة بالبدل كما تحصل بالعطف. وتبين وجهه هنالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015