ووجه ذلك أن العطف شبيه بالبدل، إذ لا فرق بينهما إلا في نِيَّة تكرار العامل، والبدل يجوز فيه التخالف، بأن تُبدل النكرة من المعرفة، والعكس، فكذلك العطف.
وهذا معارَض بشَبَهه بالنعت، إذ لا فرق بينهما إلا في الاشتقاق وعدمه. ويَزيد العطفُ مع النعت بأن كل واحد منهما منزَّل من المتبوع منزلة الشيء الواحد، ألا ترى أن: زَيْدًا الأحمرَ عند من لا يعرفه بمنزلة (زَيْدٍ) وحدَه عند من يعرفه.
وأما البدل مع المبدل منه كالشيء الواحد باتفاق. فهذه العلة أوجبت في النعت مع المنعوت الاتفاقَ في التعريف والتنكير وغيرهما، كما مر ذكره، وأوجبت في البدل جوازَ الاختلاف.
وأيضا فيلزم من هذا المذهب مخالفةُ الإجماع، إذ قد حَكى المؤلف الإجماعَ على خلاف ما قال. وفي مخالفة إجماع العلماء ما عرفتَ، فالصحيح ما ذهب إليه الناظم.
والموضع الثاني صلاحيةُ عطف البيان في النكرات فإن من قَصر ذلك على المعارف، فَمنع أن يقال: مررتُ برجلٍ أخٍ لك، على العطف. وهذا المذهب يُنقل عن أكثر النحويين. ونَقل المؤلف عن الشَّلَوْبين أن هذا مذهب البصريين. ولم يرتضه الناظم، بل نصَّ على مخالفته بأنه مرجوح من جهة القياس والسماع.