وهكذا ينبغي، لأن اسم الجنس لا يُراد به -وهو تابع لاسم الإشارة- إلا ما يراد به وهو غيرُ تابع له، فلو كان نعتاً حين يَتبع اسم الإشارة نحو: رأيتُ هذا الرجلَ لكان نعتا حين يَتبع غيره نحو رأيتُ شخصاً رجلاً، وأنت لا تريد إلا كونَه رجلاً لا امرأة. ولا خلاف في امتناع كونه في هذه الصورة نعتاً، فيجب ألا يكون في غيرها نعتا، وإلا لزم عدم النظير، بجعل اسمٍ واحد نعتاً لبعض الأسماء دون بعض مع عدم اختلاف المعنى.
هذا ما احتج به، وهو لَعَمْرى ظاهر. وإنما تَعَلَّق من قال: إنه نعت بظاهر كلام سيبويه في أبواب النداء، حيث حَكى عن الخليل أن (هذا الرَّجُلُ، ويَا أيُّها الرَّجُلُ) وقع (الرَّجُلُ) فيه وصفا.
والأولى عطفُ البيان، لأن الجامد لا يقع في اصطلاحهم وصفا. وهذا جامد فلا يقع وصفا.
ولعل الخليل وسيبويه أطلقا عليه لفظ الوصف مجازا، كما يُطلق على التوكيد لفظ الوصف أيضا. والله أعلم.
وقد وقع للناظم في باب «النداء» أن (الرَّجل) هنا صفةٌ لا عطف بيان، حيث قال: «وأيُّها مَصْحُوبَ أَلْ بَعْدُ صِفَة» ثم قال بعد ذلك: «وذو إشَارَةٍ كأي في الصفة» فنَصَّ كما ترى على أن ذا الألف واللام في الموضعين صفة مطلقا، من غير فرق بين كونه جامدا أو مشتقا، وهو راجع إلى مذهب غيره، فَبيْن هذا الظاهر وبين ما نَصَّ عليه في باب «النداء» تعارض، سنتكلم عليه هنالك إن شاء الله. ثم أخذ في بيان أحكام العطف، ووجهِ التبعيَّة فقال: