الباب من الجواز من غير قيد، وذلك صحيح، فإن الضمير المنفصل جارٍ هنا مجرى الظاهر، ولذلك يجوز العطف عليه من غير فصل فتقول: ما قام إلا أنت وزيد، فكذلك تقول هنا: ما قام إلا أنت نفسك، وما رأيت إلا إياه نفسه، وكذلك ما أشبهه.
وقوله: "فبعد المنفصل" "بعد" معمول لفعل محذوف دلّ عليه فعل الشرط، أى فوكده بعد المنفصل، أو فجئ بهما توكيدا أو نحو ذلك. والكلام مختصر لفهم المعنى، وحقيقته: فوكده بهما بعد الإتيان بالمنفصل، أو يكون المعنى فاجعله بعد المنفصل.
وهنا تم كلامه في التوكيد المعنوي. ثم انتقل إلى التوكيد اللفظي فقال:
وما من التوكيد لفظي يجى
مكررا كقولك: ادرجى ادرجى
ويعنى أن التوكيد اللفظي معناه أن يوتى باللفظ المراد توكيده مكررا بنفسه، كما مثل في قوله للمؤنت: ادرجى ادرجى يا هند. وقد يكون للمذكر: ادرج ادرج يا زيد، بضم الجيم الأولى وكسرها. وعلى الكسر يستوى لفط المذكر مع لفظ المؤنث في (ادرج) الأول.
وفي هذا المثال إعلام بأن هذا التوكيد غير مختص بالاسم، إذ لم يقيد بالمثال به.
وهو يحتمل أن يكون من توكيد الفعل، وأن يكون من توكيد الجملة إذا قلنا: إنه أمر لمذكر وإذا أعطى عدم الاختصاص اقتضى الإطلاق في كل ملفوظ به، فيكون في الاسم والفعل والحرف والجملة.