الاستغناء. وقد نبه الناظم على هذه العلة بقوله: "واغن بكذا" أى استغن بذلك كما استغنت العرب. فإن قلت: من أين يفهم تعيين (كلا) للمذكر، و (كلتا) للمؤنث، وهو قد تقدم (كلتا) على (كلا) والتقديم إنما يستحقه المذكر؟ فالجواب أن ذلك يفهم له من قوله "عن وزن فعلاء ووزن أفعلاء" لأن وزن (فعلاء) للمؤنث، ووزن (أفعل) للمذكر كمل تقدم، فإذا رجع الأول للأول، والثاني للثاني تعين أن (كلتا) للمؤنث، و (كلا) للمذكر، وتعين أنهما معاً للمثنى بقوله: "في مثنى".
لكن هنا نظر من أوجه:
أحدها أن وزن (فعلاء) ووزن (أفعل) إنما هما توكيد للمفرد لا للمثنى، وهو قد قال: "اغن بكذا في النثنية عن وزن كذا" وهذا الكلام يقتضى أن المثنى كان مستحقاً لهما، وذلك غير صحيح، لأن المثنى لا يستحق في المذكر (أفعل) ولا في المؤنث (فعلاء) وإنما يستحق تثنيتهما.
والعذر أن مراده تثنيتهما لا نفس الوزنين، فكأنه على حذف المضاف، أى عن تثنية وزن (فعلاء) ووزن (أفعل) وإنما ترك بيان ذلك اتكالا على فهم المراد، إذ لا يعسر فهم ذلك على طالب العلم، وهو عذر كما ترى.
والثاني أنه قصر الاستغناء بـ (كلا وكلتا) عن (أجمع وجمعاء) فاقتضى أن (كفلَّا، وجميعاً، وعامَّةً) لا يستغنى بهما عنها، فيجوز أن تجتمع عنده، إذ لم يبين فيما قبل أن (كلا وكلتا) في المثنى عوض من (كل، وجميع، وعامة) فانضم إلى ذلك مفهوم هذا التقييد، فأوهم أنه يقال: جاء الزيدان كلُّهما كلاهما، أو بالعكس. وكذا في (عامة، وجميع) وهو غير مستقيم.