وإمَّا لأنه رأى الخَطْب سهلاً في تقدير ((أَمْدَحُ أو أَعْنَى)) لأن المدح حاصل بالكلام، والفعل لم يَظهر قَطُّ، وإنَّما هو تقدير صناعي، فلا ضَرر في تقدير فعلٍ يَصلح في الموضع على الجملة. وهذا ظاهر.
وقوله: ((لَنْ يَظْهَراَ)) الألفُ فيه ضمير التثنية، عائد على ((مُبْتَدأ وناصِبٍ)) وإن كان العطف بـ (أوْ) التي هي لأحد الشيئين أو الأشياء، لأنهما معا مرادان، كقوله تعالى: {إنْ يَكُنْ غَنِيَّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهْمِا} (?).
ويريد أن مِنْ شرط هذا المقدَّر ألا يُنطق به لأن العرب هكذا فعلت. ووجههُ أنهم قصدوا إنشاء المدح أو الذم أو الترحُّم، فجعلوا إضمار الناصب / أمارةً على ذلك، كما فعلوا ... 617 في النداء، إذ لو أُظهر الناصب لَخفىِ معنى الإنشاء، وتوهم كونهُ خبراً مستأنَفا، فكان التزام الإضمار أحقَّ لهذا المعنى.
وهنا شيء ينبغي عليه، وهو أن هذا الحكم المقرَّر مع كون ذلك المقدَّر لا يظهر إمَّا أن يكون عائداً إلى ما ذَكر آنفا في كثرة النعوت، وإمَّا أن يعود إلى ما فيه قطعٌ مطلقا. فإن عاد إلى ما فيه قطعٌ مطلقا لزم أن يكون المقدَّر لازمَ الإضمار في نحو قولك: مررتُ بزيدٍ وخرجتُ إلى عمروٍ القُرَشيَّيْنِ، وما أشبهه مما هو لمجرد التخصيص، لا لمدحٍ ولا لذمٍ ولا ترحُّمٍ. وهم قالوا هنا: يجوز إظهار الرافع والناصب، فتقول: أَعْنِى القرشيَّيْنِ، أو هما القرشيَّانِ، فكان الإطلاق غيرَ مستقيم.