فإذا قلت: كونُه مُبَيَّناً يناقض كونَه مؤكداً- فالجواب أنه/ سُمِّي مؤكدا وإن كان مفتقَرا إليه ... 614 في التخاطب، كما سمي التوكيدُ اللفظي، بل والمعنوي، توكيداً اعتباراً بأنه مِمَّا يُكْتَفى فيه بالمؤكَّد دونه على الجملة والثاني أن نعت التوكيد مُبَيِّن على وجه، سمعت من شيخنا القاضي أبي القاسم الشريف (?)، رحمه الله، أن العرب تقول: (هذا رجلٌ) على معنَيْين، أحدهما أن تريد الحقيقة، أي حقيقةَ هذا المعنى من غير نظر إلى توحُّد أو تعدُّد. قال: وهذا لا يُثَنَّى ولا يجمع. والثاني أن تريده بقيد التوحُد والإفراد، وهذا هو الذي يُثَنى ويجمع. فإذا قال: أعطاك زيدٌ غلاماً، فقلت: إنما أعطاني ثوباً- فهذا من الأول. وإذا قال: أعطاكَ ثوبَيْن، فقلت: إنما أعطاني ثوباً- فهذا من الثاني.
وإذا ثبت هذا فالمنعوت إنَّما هو الثاني لا الأول، ونعتُه إنما هو رفعٌ لتوهم التعدُّد الذي يحتمله المعنى الأول، لأن المعنى الأول لا نص فيه، من حيث الوَضْعُ، على أفراد، بل على حقيقة الجنس، والحقيقةُ حاصلة في الواحدُ والمتعدِّد، فكان نعت التوكيد مُبَيَّناً بهذا الاعتبار، وحيثما جاء في القرآن فإنَّما جاء على هذا القصد.
وأما ما وُضع على اللزوم (?) فأصله البيانُ، وأيضاً فقد يقال: أَهمل ذكرهَ لقلته في بابه.
فإن قيل: هذا الجواب مُشكل على ما قَدَّم في حَدِّ النعت، فإن الناظم قال هناك: إنَّه ((مْتِمُّ ما سَبَق)) واعتُرِض عليه بنعت المدح والذم والترحُّم.