أحدها ما يلزم على ذلك من الفصل بين النعت والمنعوت، أو بين النعتين، بجملة أجنبية.

والثاني أن طباع العرب تأبى الرجوعَ إلى الأمر بعد الانصراف عنه. وكان الشَّلَوْبين يُنشد هنا قولَ مَعْن بن أَوْسٍ (?):

إذَا انْصَرفَتْ نَفْسِي عن الشَّيْءِ لم تَكَدْ

إليه بَوْجهٍ آخَر الدَّهْرِ تُقْبِلُ

فكأنهم جعلوا ألفاظَهم جاريةً على حكم مقاصدهم، وذلك أن الأصل في صفة المدح القطعُ، وكذلك صفةُ الدم والترحُّم، لأن المقصود الاخبارُ عن الموصوف بحاله وصفته، بعد الإخبار عنه بفعله، وهما مقصدان مختلفان، فإذا قطعوا (ثم أتبعو) (?) فقد رجعوا عن الإخبار الثاني إلى الإخبار الأول بعد الانصراف عنه، وهذا شبيهٌ باعتبار (اللفظ بعد اعتبار) (?) المعنى، فإنه ممنوع، بخلاف العكس.

والثالث حكاه لنا الأستاذ أبو عبد الله ابن الفخار (?) شيخنا، رحمه الله، عن بعض نحاة ((قُرْطَبة)) (?) أن المانع من ذلك ما يلزم عليه في ((علم البيان)) من تَسَفُّلٍ بعد تَصعُّد، وقصورٍ بعد كمال؛ لأن القطع أبلغُ في المعنى المراد من الإتباع، اعتباراً بتكثير الجمل. وعلى ذلك كان القطع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015