في (أَفْعَل) هنا على حدِّ ما هو في: ما رأيتُ رجلاً أحسنَ في عَيْنهِ الكحل منه في عينِ زيدٍ، لأن المنفىَّ هنا هو المَزِيَّةُ خاصة، وهناك المزيةُ والمساواة معاً، فصارت مسألة: (ما رأيتُ رجلاً أحسنَ في عَيْنهِ بكُحْلُ منه في عَيْنِ زيدٍ) تُؤَدي من المعنى ما لا يؤدي غيرُها من العبارات السابقة.
ولذلك لا يقال: إنه يمكن في الموضع عبارةٌ أخرى تؤدِّي المعنى، وذلك أن/ تقول ... 579 ك ما رأيتُ رجلاً الكحُل في عينه منه في عِين زيد، ولا تحتاج إلى إخراج (أَفْعَل) عن بابه إلى رفع الظاهر، لأنا نقول: إن هذا الكلام لا يفيد ذلك المعنى، وإنما يُفيد نفَي المزية، لا نفي المزية والمساواة معاً، فالضرورة مُلْجِئة إليه.
فإن قيل: فهل يمكن جَعْلُ (الكُحْل) مبتدأ خبرهُ (أَحْسَنُ) فلا يُتكَلَّف القولُ برفعه الظاهر، كما لمي ُتَكَلَّف ذلك في: مررتُ برجلٍ خيرٍ منه أبوه، على عامة اللغات؟ قيل لا، لأن ما أمكن في ((خيرٍ منه أبوه)) لا يمكن في مسألتنا، إذ لو جعلتَ (الكُحْل) مبتدأً خبرهُ (أحسنُ) لزم الفصل بالمبتدأ بين (أَفْعَلَ) و (مِنْ) وهما بمنزلة المضاف والمضاف إليه. وقد حصل أن القيد الذي ذكره الناظم، وهو معاقبةُ الفعل، كافٍ في المسألة، لكم المثال عَيَّنَ موضعَ ذلك حتى يُحْذَى حَذْوَه (?).
وله في ((التسهيل)) قيودٌ لفية ضابطة لموضع الكثرة، يشير إليها مثالثه، وجملتها ثلاثة (?):