وإنما قال: ((ولَدَى إخْبَارٍ)) لأنه إذا كان الكلام إخبارا لم يكن ثَمَّ مستفهَمٌ به، وإذا كان ثمَّ مُسْتَفَهمٍ به لم يكن الكلام إخبارا، فكأنه يقول: وإذا لم يكن مجرورها مستفهَماً به فتقديُمه نَزْرٌ، أي قليل، وذلك أن (أَفْعَلَ) عاملُ غيرُ متصرِّف في نفسه، فلم يكن له أن يتصرَّف في معموله، فلا يتقدم معمولهُ عليه كسائر العوامل غير المتصرفة، إلا أنه يُسمع من ذلك شيءِ فيُحفظ ويُقصر على محلِّه.

وقد أخبر الناظم أن التقديم قد وُجد قليلا جداً، فدل على أن عدم التقديم هو الشائع، فتقول: زيدٌ أفضلُ من عمروٍ، وأنتَ أكرمُ منهما، ولا تقول: زيدٌ من عمروٍ وأفضلُ. إلا قليلا، كقول ذي الرُّمة (?):

فَلاَ عَيْبَ فِيَها غيرَ أَنَّ سِرِيَعَها

قَطُوفٌ وأَنْ وأَنْ لاَ شَيءْ منهنَّ أَكْسَلُ

وقال الآخر (?): أَظَلُّ أَرْعَى وأَبِيتُ أَطْحَنُ

الْمَوْتُ مِنْ بَعْضِ الحَياةِ أَهْوَنُ

وهو نادر.

فإن قلت إذا كان الناظم قد اعتنى بمسألة الاستفهام ههنا فهو لم يُكْمِلها، بل أتى ببعض أقسامها، وذلك أن الاستفهام هنا على وجهين؛ أحدهما أن يكون مضمَّنا في الاسم بـ (مِنْ) وهو الذي ذكَر. والآخر ألاَّ يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015