هذا آخر العوامل التي لا تتصرَّف، ويسمى (أَفْعَل مِنْ) و (أَفْعَل التفضيل) يريدون هذا ابناء المقتضي معنى لـ (مِنْ) أن تأتي بعده، والذي يقتضي التفضيل بين الشيئين، تقول: زيدٌ أفضلُ من عَمْروٍ، وخالدٌ أكرمُ من بَكْر، فذَكر أولا أصلاً لهذا العامل يتضمن كثيراً من أحكامه، وذلك فيما يُصاغ منه، فقال:
صُغْ مِنْ مَصُوغٍ مِنْهُ للتَّعجُّبِ
أَفْعَلَ للتَّفْضيِلَ وأْبَ اللَّذْ أُبِي
يريد: أن ما صِيغ منه للتعجب صيغتا (مَا أَفْعَلَهُ، وأَفْعِلْ به) من الأفعال قياساً فذلك هو الذي يصاغ منه للتفضيل بناءُ (أَفْعَلُ)، وما أَبَتِ العربُ أو النحويون أن يَبْنُوا منه للتعجب من الكَلمِ، ولم تُجْرِ القياسَ فيه فَأْبَهُ أنت، اي امتنع منه أيها الناظر في القياس النحوي.
فقوله: ((مِنْ مَصُوغٍ)) متعلق بـ (صُغْ) و ((مِنْه)) متعلق بمصُوغ، و ((للتعجُّب)) متعلق بمَصُوغ أيضاً.
و((أَفْعَلَ)) مفعول ((صُغْ)) و ((للتَّفْضِيل)) متعلق بـ (صُغْ) ايضاً. والتقدير فيه: صُغْ للتفضيل (أَفْعَلَ) من فِعْلٍ صِيغَ منه للتعجُّب: والإبايةُ: الامتناع.
والحاصل أن باب ((أَفْعَل التَّفْضيل)) يجرى في بناء الصَّيغة له مَجرى باب التعجُّب، طَرْداً وعَكْساً، أي ما جاز في التعجب من هذا جاز في أفعل التفضيل، ومَا لاَ فَلاَ. ولذلك يقع للنحويين الاستشهادُ بأحدهما على الآخر.