لما أتمَّ الكلام على (حَبَّ) المقرونة بـ (ذا) وهو أغلب استعمالها في معنى الإنشاء المذكور أخذ يذكر حكمَها في الاستعمال الثاني، وهو أن تقُرن بغير (ذا).

فيريد أن (حَبَّ) إذا لم يكن فاعلها (ذا) فلها في نفسها حكمٌ مخالف لحكمها مع (ذا) ولفاعلها أيضا حكم آخر.

فأمَّا حكم فاعلها فيجوز فيه وجهان:

أحدهما، وهو الأصل، أن يُؤتى به مرفوعاً فتقول: حَبَّ الرجلُ زيدٌ، وحَبَّ رجلاً زيدٌ، ففي (حَبَّ) ضمير مرفوع هو الفاعل، كما في (نعم، وبئس)، وقال ساعدة بن جُؤَيَّة (?):

هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ

وَعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ

وهذا هو المشار إليه بقوله: ((ارْفَعْ بِحَبَّ)).

والثاني زيادة الباء في الفاعل، كما زيدت في {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً} (?) والمعنى: كَفَى اللهُ شهيدا، وكما قالوا فيما هو في معناه: أَكَرِمْ بزيدٍ، لأن ((زيداً)) عند جماعة في موضع رفع، والمعنى على فاعليَّة ((زيد)) فالباء، على الجملة، مما تُزاد في الفاعل، فكذلك زادوها هنا، فتقول: حَبَّ بالرجلِ، وكذا: حَبَّ به رجلاً زيدُ. ومنه قول الأخطل (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015