بذكر الضمائر لأنها أعرف المعارف فقال:
فمالذي غيبة أو حضور ... كانت وهو سم بالضمير
هذا تعريف المضمر و "ما" في قوله: (فمالذي غيبة) مفعول (سم) الأول، وبالضمير هو المفعول الثاني؛ لأنه مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف الجر، ويطرد إسقاطه، و "لذي" صلة "ما" وهو متعلق بفعل جائز الحذف، للدلالة عليه، وهو وضع ونحوه، وذو الغيبة أو الحضور هو مدلول الكلمة التي هي المسماة بالضمير، فكأنه قال: ما وضع لمدلول ذي غيبة أو ذي حضور، فهو الضمير في الاصطلاح، وقد ظهر من هذا اعتبار صفة الغيبة، أو صفة الحضور في الوضع، لأنه قال: ما وضع لمدلول موصوف بالغيبة أو الحضور، لا مطلقا، فيخرج بهذا الاعتبار عن الرسم سائر المعارف؛ لأنها لم توضع باعتبار غيبة ولا حضور، إذ كان العلم موضوعا لتعيين مسماه مطلقا، والمبهم موضوعا لتعيينه بقيد الإشارة إليه، وكذا سائرها، وهذا المعنى هو المعبر عنه في "التسهيل" بقوله في رسمه: هو الموضوع لتعيين مسماه مشعرا بتكلمه أو خطابه أو غيبته، والحضور هنا يتضمن التكلم نحو أنا وضربت والخطاب نحو أنت وضربت وأما الغيبة فنحو "هما" وضربا، وهذا التعريف بعد فيه نظر من ثلاثة أوجه: