قبل التركيب وهما بعد التركيب لم يتغيرا معنى ولا لفظا، فوجب ألا يتغيرا حُكْماً، وأن يَبْقيا على أصلهما، كما وجب بقاء (لا) وما رُكِّبَ معها على ما كانا عليه من حَرْفِيَّة (لا) واسميَّة اسمها، مع أنهما قد عَرض لهما التركيبُ والصَّيْرورةُ كالشِيء الواحد.

والثاني أنه لو كان تركيبهما مُزِيلاً لهما عن حكمهما الأصلي لكان ذلك لازماً كلزوم (ما) لإذْ في (إِذْمَا) ومعلوم أن (ذا) مع (حَبَّ) ليس كذلك، إذ يجوز أن تُفصل (ذا) من (حَبَّ) كقوله عبدالله بن رواحة رضي الله عنه (?):

* فَحبَّذا رَياً وحّبَّ دِينَا *

يريد: وحَبَّذَا دِيناً.

والثالث أنه لو كان كذلك لم يجز أن تدخل (لا) على (حَبَّذَا) إلا مع التكرار، فلم يكن ليُقال: لا حَبَّذَا زيدٌ حتى تقول: ولا المَرْضِيُّ، كما يلزم أن تقول: لا الممدوحُ زيدٌ ولا المَرْضِيُّ، ولكن ذلك غير لازم اتفاقا، فليس (حَبَّذَا) اسماً أصلا.

والرابع أنه لو كان كذلك لدخلت على (حَبَّذَا) نواسخُ الابتداء، كما تدخل على سائر المبتدآت، فكنت تقول: إِنَّ حَبَّذَا زيدٌ، وكان حَبَّذَا زيداً، ونحو ذلك، وهو فاسد لا يقال باتفاق، فقد بطل أن يكون مبتدأ مع صحة كونه فعلاً وفاعلاً.

وأما المذهب الثالث (?) فهو ضعيف جدا، لأنه مؤسَّس على دعوىً لا دليل عليها. وأيضاً ففيه تغليبُ أضعف الجزءين وهو الفعل، على أقواهما وهو الاسم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015