ويحتمل أن يكون الناظم ذَهب هنا إلى أن ((ما)) فاعل لا تمييز، وأنها اسم تامٌ لا موصول، وإذا كان كذلك لم يصلح في ((مَنْ)) أن تكون فاعلاً غير موصول، إذ لم يثبت لها ذلك، وإنما تكون في غير الشرط والاستفهام إما نكرةً موصوفة، وإما موصولةً بمعنى ((الذي)) أو ((التي)) وهذا رأيه في ((التسهيل)) (?) فَتَرك إلحاقَ ((مَنْ)) هنا لعدم جَرَيان الحكم فيها على مذهبه.
والثالثة أنه ذكر الخلاف في ((ما)) ولم يُعَيِّن ما هي على كلا القولين، إذ على القول بالفاعليَّة فيها يُحتمل أن تكون اسماً تاماً بلا صلة، أو موصولاً بمعنى ((الذي، والتي)) أو نكرةٌ موصوفة. وعلى القول بأنها تمييز يُحتمل أن تكون نكرةً موصوفة، أو غير موصوفة.
وقد تقدم ما في ذلك من الاضطراب. والناظم تَرك ذلك كله، والعُذْر عنه أن كثيراً من المسائل التي لا يَنْبني على الخلاف فيها حكمٌ لفظي لا يَعْتنى بنقل الأقوال فيها، فكأنَّه رأى نقلَ الخلاف هنا شَطَطا، فتَركه. والله أعلم.
وإن الرابعة أنه لما اقتصر بفاعل ((نعم، وبئس)) على هذه الأنواع الثلاثة دَلَّ على أن ما سوى ذلك لاَ يْرتفع بهما على الفاعلَّيةِ، فإن جاء من كلام العرب ما يَنْقض ذلك فغيرُ معَتدٍّ به لقلَّته أو إمكان تأويله.
فمن ذلك (الذي، والتي) وما أشبههما من الموصولات التي فيها الألف واللام، فإنها إن عُنِى بها معهودٌ فظاهر امتناعُ جعلِها فاعلاً هنا، كالرَّجل والغلام إذا أردت معهودا.
وإن أردتَ بها الجنس كما أردت بـ (الرجل) الجنسَ ففي جواز ذلك