ذَرِينِي أَصْطَبِحْ يا بَكْرُ إنِّي
رأيتُ المَوْتَ نَقَّبَ عن هِشَامِ
تَخَيَّرهُ ولَمْ يَعْدِلْ سِوَاهُ
ونِعْم المَرْءُ مِنْ رَجُلٍ تَهَامِ
استشهد بهذا بعضُهم على المسألة، لأن ((من)) زائدة. وإذا كان ثابتاً نظماً ونثراً، وساغ له وجهٌ من القياس صحيحٌ كان القول بقياسه لازما.
والمانع من القياس يَحتجَ بالقياس والسَّماع. وأما القياس فقد تقدَّم. وما أَتَوا به من الشواهد على الإتيان بالتمييز توكيداً/ لا يدلُّ على الجواز، لأن جميع ما تقدَّم إنما جاء على الأصل؛ 546 من بيانِ ما هو مبهَم، لكن عَرضَ للكلام عارضٌ خارج صار به التمييز مستدلاً عليه، فلا يَمتنع الإتيانُ به اعتباراً بالأصل، لأن [المبهم (?)] المطلوبَ تفسيرُه باقٍ، إذا زالت القرينةُ الخارجية رجع إلى إبهامه.
وأما (نِعْم الرجلُ) فليس فيه ما يحتاج إلى بيان، لا في أصله ولا في استعماله، فلا يحتاج إلى مفسِّر يَصير توكيداً مع قرينة خارجية، فصار التمييز هنا لا فائدة له بحال، لا أصلاً ولا فرعاً. وهذا فرقٌ صحيح لمن تأمَّله.
وأما السماع فالنقلُ فيه قليل، وقد أنشد المؤلف بيتاً آخر زائداً إلى ما تقدم، وأنشد في نحو ذلك أيضاً (?):