وشبَّه ذلك المبرّد وابن السَّراج بقولهم: لي من الدراهم عشرون درهما.
ولابن عُصفور قولٌ ثالث بالتفرقة بين أن يكون التمييز من لفظ الفاعل فيَمتنع، أو من لفظٍ غير فَيجوز إذا أفاد معنىً زائداً على ما دَلَّ عليه الفاعل.
ولم يبيِّن الناظم في هذه المسألة مُرْتضىً من هذه الأقوال. والذي مال إليه في ((التَّسهيل)) القولُ بالجواز (?) تعويلاً على القياس والسَّماع.
أما القياس فإن حامل سيبويه على المنع كَوْنُ التمييز في الأصل مَسُوقاً لرفع الإبهام، ولا إبهام إذا ظهر الفاعل، فلا حاجة إلى التمييز. ويلزم من هذا الاعتبار منعُ التمييز من كل ما لا إبهام فيه، كقولك: له من الدراهم عشرون درهما. ومثل هذا جائزٌ بلا خلاف. ومثله قوله: {إنَّ عِدَّةَ الشُّهُور عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً (?)} وقوله: {واخْتَار مَوُسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِميقَاتِنَا (?)} وقوله: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعينَ لَيْلَةً (?)} وقوله: {فَهِيَ كَالحِجْارةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (?).
فكما حُكم بالجواز في مثل هذا، وجُعِل سببُه التأكيدَ لا رفعَ الإبهام، كذلك تقول في: نِعْم الرجلُ رجلاً، لأن تخصيصه بالمنع تحكُّمٌ بلا دليل.
وأما السَّماع فمنه في ((كتاب البُخَاري)) في حديث عبد الله بن عمر ((فَيَسْأَلُها عن بَعْلِها فتقول له: نِعْم الرجلُ مِنْ رَجُلٍ، لم يَطَأْ لنا فِرَاشاً، ولم