الناظم بقوله: ((نِعْمَ عُقْبَى الكُرَمَاء)) والكرماء: جمع كريم، والعُقبى: العاقبة وأصل الكرم الشَّرَف، كذا قال ابن قُتَيْبَة.
ووجه رفعهما لما فيه الألف واللام أن (نعم، وبئس) للمدح والذم، فبُولِغ أن جُعِل فاعلُهما جِنْسَ الممدوحِ أو المذمومِ مجازا، ولأَنْ يُذكر أولاً مُبْهَماً في جنسه، ثم يُخَصُّ ثانياً ويُفَسَّر- مبالغةٌ في ذلك القصد، إذ كان الإبهام أولا، ثم البيان ثانيا يُعْطِي تفخيماً وتعظيماً للأمر.
والثاني من مرفوعات (نعم وبئس) الضمير المبهم المفسَّر بما بعده، وذلك قوله:
ويَرْفَعانِ مَضْمَراً يُفسِّرهْ
مُمَيِّزً كَنِعْمَ قَوْماً مَعْشَرُهْ
يعني أن مرفوعهما يكون أيضاً مضمراً مستتِراً مُبْهَماً، يفسِّره مميِّز يُذْكر بعده منصوباً بالفعل، نحو ما مَثَّل به في قوله: ((نِعْم قَوْماً مَعْشَرُهْ)) ففي (نعم) ضمير مبهم يفسِّره ((قوماً)) وليس مرفوعهُ قولَه: ((مَعْشرُه)) لأمرين، أحدهما أنه لا يحتاج إلى مفسِّر، لبيان معناه، فصار ((قوماً)) لا فائدة له، وأيضاً فالمفسِّر لا يتقدَّم على مفسَّره، كما مَرَّ في بابه.
والثاني أن فاعل (نعم وبئس) إذا كان ظاهرا لا يكون إلا بالألف واللام، أو ما أُضِيف إلى مصحوبها، أو ((ما)). و ((ما)) فيها خلاف سيذكره.
فثبت أن فاعله ليس هذا الظاهرَ، وإنما هو ضمير مستتر دَلَّ عليه التفسير بعده، ولأنهم قد قالوا: نِعْمُوا قوماً، ونِعْمَا رَجُلَيْنِ.
وعلى الجملة فلابد من مرفوع، ولا شِيء في الظاهر يصلح أن يكون فاعلا،