الخِلقَ، كما يَحِكيِ الناسُ كثيراً من ذلك عن كثير من البُلدانَ- لم يصح التعجُّب أيضاً، وإن كان معنى الكثْرة شائعاً متصورا. أو يكون الموتُ شائعاً في بلدٍ ما (?)، كما يكون في المواضع الوَبِئية- فلا يجوز أن يقال في ذلك: ما أَمْوَتَ أهل مَوضِع كذا، وإن كان معنى الكثرة شائعا.
فليس ما يُعطيه معنى (ما أَفَعْلَهُ) منحصراً فيما تُعطيه الكثرةُ خاصَّة، بدليل ما قَدَّمْتُه. قال: وهذا موضع خَفِيٌّ ينبغي لأن يُنَتَبَّه له.
والجواب عن الخامس أن الَّماع إذا أثبته ثقةٌ لم يُطْرَح بسبب أن ثقةً آخر لم يُثْبِته لعدم اطِّلاعه عليه، بل القاعدة المستمِرَّة أن المُثْبِت في أمثال هذه الأمور مُقَدَّم على النافي، لأنه النَّافي لم يَقُل: إنه غير موجود بإطلاق، وإنما قال: لم أَحْفَظْه، أو لا أَعْلَمُه، وعدمُ علمِه لا يدلُّ على عَدَمِه، فمن هنا كان قول المثبِت أولى.
ثم إن ما أثبته بعضُهم إنَّما أثبته غير مقيد بندُور، فيحُمل على إطلاقه حتى يَدُل دليل على الندُّور، أو أنه لغةٌ لبعضٍ لا يَستعمله الباقون، فحينئذٍ يكون ما قال في السؤال.
ومثل ذلك لا يُوجد في الاستقراء إلا نادرا، فلا يُعْبَأ به، فلهذا أطلق الناظم القولَ في مجيء الفعل الثلاثي، بناءً على أن النُّدور فيما استُعمل منها لا يثبت إلا نادرا. وعلى هذا الأصل اعتَمد في ((الشَّرح)) (?) حيث زعم أن أكثر النحوييِّنِ يَجعلون من شواذِّ التعجُّب: ما أَفْقَرَهُ، وما أَشْهَاهُ، وما أَحْيَاهُ، وما أَمْقَتَه، بناءً على أن الثلاثي منها لم يُستعمل. قال: وليس الأمر كما زعموا، بل استَعملت