مصدر هذا المرفوض، فكأنَّه موجود، فـ (التَرْك) قائم مقام (الوَدْع) كما / كان ... 534 (تَرَكَ) قائماً مقام (وَدَعَ).
وأما ما له مصدرٌ يُوقِع الإتيانُ به في اللَّبْس فالإتيان في موضعه بـ (ما) المصدرية بمنزلة الإتيان بالمصدر نفسِه، إذ هما في المعنى كالمترادِفَيْن (?)، ولذلك يصرِّح سيبويه في الحرف المصدري أنه اسمٌ اعتباراً بتأويله مع ما بعده بالاسم (?).
وإذا أُتِي بـ (ما) والفعلُ بعدهما مبنيٌّ للمفعول لم يَبْق لَبْس، كما أنه إذا أُتِيَ بعدها بالفعل المنفيِّ لم يَبْق لَبْس، ولكن لفظ الناظم لا يُعطي هذا الحكمَ بخصوصه، ولا يُفْهَم منه، فالاعتراض متمكِّن هنا، لا سيما بالفعل المنفيِّ، فإن في جواز نحو (ما أَكْثَر ما لَمْ يَقُمْ زَيْداً) نظراً.
ولا أعلم الآن في المسألة نَقْلاً اَقْتَفِى اثرهَ، ولكن لا يُعد في القياس أن تَدخل (ما) على الفعل المنفي كما تَدخل المصدريَّةُ الظرفيَّةُ عليه، نحو ما جاء في الحديث: ((لا يَزالُ الرجلُ في فُسْحَة مِنْ دِيتهِ مالَمْ يَسْفِكْ دَماً حَراماً)) (?) أو كما قال عليه السلام.
والجواب عن الثاني أن التعجُّب بـ (أَشَدَّ) ونحوه يأتي في مَعْهود الاصطلاح على وجهين، أحدهما أن يُقْصَد إليه أولاً في التعجُّب، فهذا يَجرى مجرى سائر أفعال التعجب، كأَحْسَنَ وأَفْضَلَ وأَكْرَمَ. فقولك: (ما أَكْثَر مَالَهُ، وما أَشَدَّ وَلَدَه) كقولك: ما أَحْسَنَهُ، وما أَفْضَلَ أبَاهُ،