فيه الإتيان بالمصدر أيضاً، لأن اللَّبْس حاصل به، لأنك إذا قلتَ: ما أَشَدَّ ضَرْبَ عمروٍ، وما أَضْرَبَ عَمْراً- كانا سواء في عدم بيان أن المتعجَّب منه المفعولُ، وأن المراد: ضُرِبَ عمروٌ جِداً، فلابد أن يُلْقَى فيه المحظورُ المذكور في تقرير الشروط، لكن له مَخْرج ههنا بأن يُؤْتَى بـ ((ما)) المصدرية بعدها الفعلُ مبنياً للمفعول، فتقولك مَا أكْثَر ما ضُرِبَ عمروٌ.

وكذلك تقول في فَقْد الشرط السادس: قد يُمكن أن يُؤْتَى بـ ((ما)) المصدرية (?) داخلةً على الفعل منفياً، فتقول: ما أَكْثَر مالَمْ يَقُمْ زيداً، ونحو ذلك.

ووجهُ الانصراف إلى البِناء من (الشدَّة) ونحوها في هذه الأشياء أن (ما أَشَدَّهُ، وأَشْدِدْ به) مما يصح التعجُّب منه في كل نوع، وفي كل وصِف، إذ كانت، في لفظها، ومن فِعْل قابلٍ أن يُبْنى منه فعلُ التعجُّب، وفي معناها، قابلةً للفَضْل، لأن (الشدَّة والخِفَّة، والقِلَّة، والكَثْرة) مختلِفةٌ بالنِّسَب والإضافات، بخلاف غيرها.

وأيضاً فهي تؤدِي من المعاني بالنسبة إلى جميع المعاني، مثلَ ما كانت الأفعال تؤدِّيه. ولذلك كان ما يجوز التعجُّب منه من الأفعال المستوفية للشروط يجوز أيضاً أن يُتَعَجَّب منها بـ (أَشَدَّ) ونحوه، لأن التعجب إنما هو بلوغ النهاية في معنىً لم يَبلغ إليه غيرُ المتعجَّب منه، وهو الذي يُعطيه (أَشَدُّ) ونحوه.

ومن ثَمَّ يجوز لك أن تفسِّر به معنى التعجب فتقول: معنى (ما أَحْسَنَهُ): ما أَشَدَّ حُسْنَه، أو كَثُر، و (ما أَكْرَمَه) أي كَثُر كَرَمُه، وهذا ظاهر.

و(ما أَشَدَّه، وأَشَدِدْ به) لم يُستعمل منه الفعلُ الثلاثي إلا نادراً. حَكى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015