ومُسْتَخْلِفٍ مِنْ بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً
فَأَحْرِ بِه لِطُولِ فقْرٍ وأُحْرِيَا
وانشد ابن خروف وغيرُه لعُرْوة الصَّعاليك العَبْسِيّ (?):
فَذَلِكَ أنْ يَلْقَ المَنِيَّةَ يَلْقَهَا
حَمِيداً وإن يَسْتَغْنِ يَوْماً فَأَجْدِرِ
وفي قوله (اسْتَبِحْ) إشعارٌ بأن المتعجَّب منه لم يكن حَقُّه أن يُحذف، وإنما كان الواجب فيه الإثبات، لأن العرب تقول: اسْتُبِيحَ حَمِى فلان، واسْتُبِيحَ دَمُ فلان، ونحو ذلك مِمَّا شأنُه أن يكون ممنوعَ الحَوْزَة حَتْماً.
ولا يقال هنا في غالب الاستعمال: أُجِيزَ، ولا سُوِّغَ، ولا نحو ذلك، مما يُعطى/ مجردَ 518 معنى الإقدام من غير إشعار بالامتناع، فكأنَّ الناظم قَصد هذا، لما في (أَفِعْلْ بِه، ومَا أَفْعَلَهُ) مما يَقْتضي امتناعَ الحذف حَتْماً، وذلك أن المتعجَّب منه مقصودُ الذِّكر، والكلامُ مبنيٌّ عليه، لأن جملة التعجَّب لأجله سيقت، فصار بمنزلة الاسم الواقع بعد (إِلاَّ) في قَصْد الحصْر إذا قلت: ما أَكْرَمنِي إلاَّ زيدٌ، وما أكرمتُ إلاَّ عَمْراً، وما مررتُ إلاَّ بعَمْروٍ، إذ لا يجوز الحذف فيه وأن كان فَضْلة، لأن الكلام مبنيٌّ عليه، فكذلك هنا. فكأنَّه يقول: هو، وإن كان مقصودَ الذِّكر، جائزُ الحذف، لأن إيضاح معناه قائمٌ مقامَ ذِكْره.
وحين أجاز حذفَ المتعجَّب منه مطلقا إذا عُلم كان دليلاً على أن المجرور بالباء ليس هو الفاعل البتَّةَ، إذ لو كان كذلك لامتنع الحذفُ، بناءً