يعني أنك إذا أردتَ أن تُعَبِّر عما عَرض لك من التعجبُّ من شيء، وأن تُبَيِّن أنك قد تعجَّبتَ- فلذلك صيغتان في الأصل.
إحداهما (أَفْعَلَ) على وزن (أَكْرَمَ) آتياً بها بعد ((ما)) ويكون ما بعدها يَتْلوها، وهو المتعجَّب منه، منصوباً.
مثال ذلك: ما أَوْفَى خَلِيَلْينَا. ومثله: مَا أكْرمَ زيداً، وما أَحْسَنَ عَمْراً. وفي القرآن {فَمَا أَصْبَرهُمْ على النَّارِ (?)}.
والثانية (أَفْعِلْ) على وزن (أكْرِمْ) آتياً بها قبلَ اسم مجرور بباء، لا بغيرها من حروف الجر، والمجرور هنا هو المتعجَّب منه، وهو المنصوب في صيغة (ما أَفْعَلَه) ولذلك قال: ((وتِلْوَ أَفْعَلَ انْصِبَنَّهُ)) فَردَّ الضمير إلى المجرور بالباء، فيُريد أن ذلك الاسم يأتي منصوباً بعد صيغة (ما أَفْعَلَ) ومجروراً بالباء في صيغة (أَفْعِلْ) وذلك قوله: ((وأَصْدِقْ بِهمَا)) أي بَخَلِيْلْنْنَا. ومثله: أَكْرِمْ بزيدٍ، وأَحْسِنْ بِه. وفي القرآن {أَسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ (?)}.
وقد أشعر هذا الكلام بأن المنصوب بعد (ما أَفْعَلَ) والمجرور بعد (أَفْعِلْ) لازمُ الذِّكْر، فلابد من الإتيان به، لكونه جَعله من جملة صِيغة التعجُّب.
وذلك في الأصل صحيح، إلا انه قد يُحذف للعلم به كما سيأتي ذكرهُ بعد.
هذا بيانُ ما قال. وفيه دَركٌ (?) من وجهين:
أحدهما أنه حَصَر صِيَغ التعجُّب في صيغتين وهما: (مَا أَفْعَلَهُ) و (أَفْعِلْ بِه) إذ قَدَّم المجرورَ في قوله: ((بأفْعَلَ انْطِقْ)) والتَّقديم في مثل هذا يُشعر