وليس في قوله: ((فَارْفَعْ بها)) ما يُعَيِّن وَجْهاً دون غيره، فإنه قد ذَكر في باب ((البدل)) جوازَ بدل الظَّاهر من المضمَر بدلَ البعضِ، والاشتمالِ، فإذا جُمع حكمُ البابين حَمَلت كلُّ مسألة ما تَتَحمَّله، فترجع المسائل إلى الأقسام الثلاثة.
وأمَّا النَّصب فلم يُبَيِّن وجَهه نَصاً، ولكنَّ أصل الباب مبنيٌّ على التَّشبيه، فالمنصوبُ في هذا الباب على التشبيه (بالمنصوب في باب اسم الفاعل، وهو معنى قولهم: منصوب على التشبيه) (?) بالمفعول به، وهذا ظاهرٌ في المعرفة والنكرة.
وقد يجوز في النَّكرة وجهٌ آخر، وهو النَّصب على التمييز، فإذا قلت: مررتُ برجلٍ حَسَنٍ وَجْهاً، أو بالرجلِ الحَسَنِ وَجْهاً، فـ (الوَجْه) يجوز فيه أن يكون منصوباً على التمَّييز، وعلى التَّشبيه بالمفعول به.
ولم يُنَبِّه على التمَّييز هنا، لأن الآخَر هو الإعراب المطَّرِد؛ إذ هو جَارٍ في النكرة والمعرفة، بخلاف التَّمييز، فإنه لا يَجْري في المعرفة، ولأن النَّكرة هنا لا يَطَّرِد فيها جَرَيانُ التمييز، فلا يجوز أن تُعرب ((الأَبَ)) في قولك: (حَسَنٍ أَباً، والحَسَنِ أَباً) تمييزاً؛ لأن التمييز لا يصحُّ إلا فيما يُطلق فيه الأولُ ويُراد الثاني.
وأنت لا تقول: حَسُنَ زيدٌ، إذا حَسُنَ أبوع، وتقول حَسُنَ زيدٌ، إذا حَسُنَ وجهُه. فلما كان التَّشبيه هو المطَّرِد اكْتَفى بالإشارة إليه دون ذِكْر غيره.
والمسألة الرابعة أنه قال هنا: ((ومِنْ إضَافَةٍ لِتَالِيهَا)) فأشعر أن المضاف إلى المعمول إذا تَقَيَّد بإضافةٍ أو بألفٍ ولامٍ أو تجريدٍ فذلك كما لو تقيَّد المعمولُ نفسُه بها، فإنه شَرط في إضافة الصفة ذات الألف واللام إلى معمولها أن يكون مصحوباً بالألف واللام، أو مضافاً إلى مصحوبها.