هذه هي المقدمة الثانية من المقدمتين اللتين لابد من ذكرهما قبل الشروع في الأحكام التركيبية، وهي معرفة المعرفة من الأسماء والنكرة، والتعريف بكل واحد منهما. وتقسيم ما ينقسم منهما وبيان كل قسم، وذلك أن الفائدة إنما تحصل في الغالب بالمعرفة لا بالنكرة من حيث كان الإخبار عن الشيء ثنيًا عن معرفة ذلك الشيء. فإذا قلت: تكلم زيدٌ، حصلت به فائدةٌ. فإن قلت تكلم إنسانٌ، لم يفد شيئًا، إذ لا يخلو الوجود من إنسان يتكلم، فقد كان هذا المعنى حاصلًا قبل الكلام به، فلم يفد الإخبار بذلك فائدة زائدة، وكذلك إذا قلت: زيدٌ قائمٌ، حصلت للمخاطب فائدة، فلو: قلت رجلٌ قائمٌ، لم يفد شيئًا، فلما كان الأمر هكذا وكانت الإفادة في الغالب لا تحصل إلا مع المعرفة، والنكرة بضد ذلك، وأيضًا فقد تقع النكرة في موضع لا تقع فيه المعرفة، وقد تحصل الفائدة بالنكرة على خلاف ما تحصل بالمعرفة افتقر إلى بيان هذين النوعين لينبني حكم الإفادة على ذلك، فأخذ الناظم -رحمه الله- في ذكر ذلك ليصل الناظر إلى أحكام الجمل المفيدة بعد تحصيل ما يكون به الإخبار مفيدًا مما ليس كذلك، ثم إن النكرة لا تنحصر أنواعها، لكن قد تعرف