والثالثة أن بناء الهَيئْة في الزائد على الثلاثة مَفْقُودٌ في كلامهم، لأن بناء (الفِعْلَة) لا يَتأتَّى فيه، إذ يلزم عن ذلك هدم البِنْية بحذف ما قُصِد إثباتُه فيها، فكأنهم اجتنبوا ذلك واستغنوا عنه بنفس المصدر الأصلي، أو المستعمل للمرَّة.

وإنما جاء فيه ذلك نادراً، وهو قوله: ((وشَذَّ فِيهِ هَيْئَةٌ)) الضمير في ((فيه)) عائد إلى ((غير ذي الثلاث)) ويريد أن (الفِعْلَة) فيه للهيئة شاذٌّ، فَتْركُ ذلك إذاً هو الباب.

ومما شَذَّ من ذلك قولهم: الخِمْرة، وهي هيئة الاخْتِمار، من الخِمَار، وهو / ما تُغَطِّي 484 به المرأةُ رأسَها. أَتى به مثالاً للشاذّ؛ يقال: اخْتَمرت المرأةُ اخْتِماراً فهي حَسَنَةُ الخِمْرَة، وفي المثَل ((إنَّ العَوانَ لا تُعَلَّم الخِمْرَة (?))). وقالوا: فلان حَسَن العِمَّة، من: اعْتَمَّ الرجلُ وتَعَمَّمَ، اعْتِماماً وتَعَمُّماً، وانْتَقَبتِ المرأةُ انْتِقاباً، وإنها لَحَسَنةُ النِّقْبَةِ. وكان القياس عدم الحذف، إلا أنَّهم هَدَمُوا بِنْيَةَ المصدر، فَبنوا (الفِعْلَة) حرصاً على البيان. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015