وكذلك إذا لم يكن في المصدر زيادة إلا أنه على غير بناء (فَعْل) إنما يُؤتى فيه بـ (فَعْلَة) كَبطِرَ بَطْرَةً، وهَدَيْتَه هَدْيَةً، وحَلَبَ حَلْبَةً، وحَلَفَ حَلْفَةً، ونحو ذلك، فلا يتعدى (فَعْلَة) أصلا.

ووجه ذلك أن منزلة (الجَلْسَة) من (الجُلوس) منزلةُ التَّمْرةَ من التَّمْر، فالأصل في الجنس ووَاحدِه أن يفرق بينهما بالتاء، فالأصل الجَلْس في (جَلَسَ) والقَعْد في (قَعَدَ) والكَذِب في (كَذَبَ)، فإذا قلتَ: القُعود والجُلوس فقد ألحقتَ في المصدر ما ليس في الفعل، مع أن هذه الزيادة غير لازمة، إذ قد يجئ فيه (فَعْل) بلا زيادة كما يجئ بالزيادة، فتقول: جَحَدَ جَحْداً وجُحوداً، وأَتَى أَتْياً وإتْيَاناً، ونحو ذلك.

بخلاف مصدر المزيد فيه، كـ (استَفْعَلَ، وأَفْعَلَ) فإن الزيادة في المصدر لابد منها، فلذلك فَرَّقوا بين مصدر الثلاثي إذا أرادوا به المرَّةَ ومصدرِ غير الثلاثي. هذا معنى تعليل سيبويه (?). وشَذَّ في هذا النوع: أَتَيْتُه إتْيَانَةً واحدةً، ولَقِيتُه لِقَاءَةً واحدةً، ولُقْيَانَةً واحدةً. الأخيرة عن الجوهري (?)، والأوُلَيَانِ عن سيبويه. ثم قال:

* وَفِعْلَةٌ لهِيْئَةٍ كجِلْسَهْ *

يعني أنه إذا أرادوا نوعاً من الفعل مخصوصاً، أو هيئةً منه، فأرادوا أن يُشْعِروا بذلك، ويَدلُّوا عليه باللفظ أتَوْا بالمصدر على (فِعْلَة) مكسَور الفاءِ، ملَحق الهاء، كـ (جِلْسة) إذا أرادتَ بها ضَرْباً من الجلوس.

ومثل ذلك: قَتَلْهُ قِتْلةً مُنْكَرَة، وقَعَدَ قِعْدةَ سَوْءٍ، وفلان حَسَنُ الطَّعْمَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015