والثالثة: أنه قال: ((وقَد يُضَافُ ذا إلى اسْمٍ مُرْتَفِعٍ)) فخَصَّ بالذكر الإضافة وحدها، والجاري مجرى الصفة المشبهة، من اسم المفعول وغيره، لا يختص بالإضافة إلى المرفوع وحدها، بل يجوز مع ذلك النصبُ على التشبيه أو التمييز، فتقول: هذا مضروبٌ الأبَ، أو أباً، وهذا مضروبُ الأبِ، ولا فرق بين النصب والجر في هذا. فقد يَسأل السائل: لِمَ خَصَّ الإضافة بالذكر دون النصب، فقد كان الأولى أن يذكرهما معاً، أو يُحيل باسم المفعول هنا على ((باب الصفة المشبهة))؟
والجواب من وجهين:
أحدهما: أن يُقال: لعلَّه عَيَّن ما هو السماع أكثرُ من غيره، فكأن الإضافة والنصب مسموعان قليلان، إلا أن النصب أقلُّ، فذكر ما هو أكثرُ شيئاً من غيره، خروجاً من عُهْدة السَّماع.
والثاني: أن يكون اكْتَفى بذكر أحدهما عن الآخر إذا كانا معاً في ((باب الصفة المشبهة)) كالمتلازمين، فحيث يجوز أحدهما يجوز الآخر على الجملة، فلم يَحْتج إلى ذكرهما معاً.
وأيضاً فإن الإضافة أخصُّ عنده بباب الصفة المشبهة. ألا ترى أنه عَرَّفها بها إذ قال: ((صِفَةٌ اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلٍ مَعْنىً بِهَا))؟
فإذا جاز الجر فالنصبُ في الضَّمن. والله أعلم.
والوَرِعُ- في كلامه- اسم فاعل من: وَرضعَ يَرَعُ وَرَعاً، فهو وَرِعٌ، إذا كَفَّ عن المعاصي، فهو مُتَّقٍ كافٌّ عَمَّا لا يَحِل.
ومعنى المثال: أن الوَرِعَ المُتَّقِيَ لله مقاصُده كلها محمودة، لأن قَصْده في كل شيء تقوى الله تعالى.