فكان الأصل في اسم المفعول أن يَجْري مَجراه في ألاَّ يُضاف إلى مرفوعه، فلا يقَال: أمضروبُ الأبَويْن زيدٌ؟ ولا: أمضروبٌ أبوَيْه زيدٌ؟ في أمضروبٌ ابواه زيدٌ؟
كما لا تقول: أضاربُ الأبوَيْن، ولا: أضاربُ أبوَيْه زيدٌ؟ في أضاربٌ ابواه زيدٌ؟ لأن فيه إضافة الشيء إلى نفسه، وذلك ممنوع.
لكن لما كان اسم المفعول إذا تعدَّى إلى واحد يكون سَبَبِيَّاً، فلا يظهر له عمل في شيءِ إلا في السَّبَبِيَّ- أشبه الصفة المشبَّهة باسم الفاعل، فجاز فيه ما جاز فيها، فتقول: زيدُ مضروبُ الأبِ، كما تقول زيدُ كريُم الأبِ.
وكما أن (كريُم الأبِ) قد تحملت الصفةُ فيه ضَميراً عائداً على الأول، فخرج بلك عن إضافة الشيءِ إلى نفسه [لأن الضمير غير الأب- إعتبر مثل ذلك في اسم المفعول، فلم يبق فيه إضافةُ الشيءِ إلى نفسه (?)] لأن الأب غير الضمير في ((مضروب)) وصاحب الضمير هو (مضروب).
ومَثَّل ذلك بقوله: محمودُ المقاصدِ الوَرِعُ. أصله: الورعُ محمودٌ مقاصدهُ، ثم أضمر في ((محمود)) ضمير ((الوَرِع)) فصارت ((المَقَاصِدُ)) في حكم الفَضْلة، فانتصب على التشبيه بالمفعول به. ثم أضيف حملاً على اسم الفاعل حين أضيف إلى منصوبه.
وما قاله صحيح، بناءً على أن اسم الفاعل إذا أريد به الثبوت جرى مَجرى الصفة المشبهة، نحو: زيدٌ قائمٌ أبوه، وقائمٌ أباً، وقائمُ الأبِ.
فكذلك يقال في اسم المفعول: هذا مضروبٌ ابوه، ومضروبٌ أباً، ومضروبُ الأبِ، وذلك إذا أُرِيد به الثبوت، أي ثبوت الصفة.