كلام العرب كان الوجهُ مذهبَ من فَصَّل، وهو المذهب الرابع هنا، على أن أبا القاسم بن الصفَّار (?). قال: سألت ابنَ عصفور: هل ورد من كلام العرب (هذا ظَانُّ زيدٍ منطلقً)؟ يعني في معنى الماضي، فقال لي: وردَ من ذلك قوله تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً} الآية (?). قال: فقلت له: ((جَاعِلُ)) في ذلك بمعنى: خالق، و ((سَكَناً)) حال، فقال لي: إن الله تعالى لم يخلقه في حال أنه سَكَن. قال: فقلت له: تكون الحال تقديريَّة، فقال: إن ذلك يؤدي إلى وصف الله تعالى بما لم يَصِفْ به نفسه، وهو وصفه بمقدَّر قال: فقلت له: قد حصل وصفُه بذلك بقوله: ((سَكَناً)) فقال لي: إن الله خلقه غيرَ سَكَن، ثم جعله سَكَناً بعد ذلك. ههنا وقف الكلام بينهما.
وقد أجيب بأن لابن الصفار أن يقول حين أورد عليه وصفَ الله بمقدَّر: قد قال سيبويه (?): خلق اللهُ الزرافةَ يَدَيْهَا أطول من رِجْلَيْها. والزرافُة لم تَنْتقل بعد وجودها عن حالها، ومفاده: أن الله تعالى قَدَّر خلقها كذلك، فخلقها على نلك الصورة.
والظاهر أن الآية ليست من هذا القبيل، فلا يقوم بها حجة على ثبوت المسألة.
والثاني: أن نُسَلَّم ورودَها سماعاً، ولا يلزم محظر، لأن ((ظاناً)) ههنا قد قال الناظم: إنه لا يَعمل، وإذا لم يَعمل فليس بمتوجَّه على ((الجملة)) كالفعل،