يَعملان عمل: يَضْرِبُ، ويَسْتَخْرِجُ، فتقول: ضاربٌ زيداً غداً، كما تقول: هذا يضربُ زيداً غداً. وهذا مُسْتخِْرجٌ المالَ الآنَ، كما تقول: هذا يَستَخِرجُ المالَ الآنَ. وكذلك ما أشبههما. لكن لما كان اسم الفاعل في العمل فَرْعاً عن الفعل، والفرعُ أبداً لا يَقْوَى قوةَ الأصل- لم يَعمل في كل موضعٍ يَعمل فيه الفعل.

وأيضاً فإنه لما كان عملهُ بالشَّبَه بالفعل المضارع، لجريانه عليه من جهة اللفظ والمعنى، حتى حُمِل عليه المضارع في الإعراب- صار لا يعمل إلا مع تمام الشَّبَه، وكمال الحَمْل.

فلهذين الأمرين صار اسم الفاعل لا يعَمل إلا بقُيُودٍ أتى بها الناظم في قوله: ((إنْ كانَ عِنْ مُضِيَّه بِمَعْزِل)) إلى آخره.

وجملة القيود التي أتى بها في صِحَّة عمله هي: ألاَّ يكون بمعنى الماضي، وأن يَليِ استفهاماً، أو حرفَ نداء، أو حرف نفي، أو أن يأتي صفةً، أو مُسْنَداً إلى غيره.

والجامع لذلك كله شرطان:

أحدهما: إلاَّ يكون اسم الفاعل بمعنى الفعل الماضي، وذلك قوله: ((إنْ كانَ عَنْ مُضيَّه بَمعْزِلِ)) يريد ألاَّ يكون زمانه ماضياً، وإنما يكون بمعنى الحال أو الاستقبال.

فلو كان بمعنى الماضي لم يعمل، فلا تقول هذا ضارِبٌ زيداً أمسِ، وإنما تقول: هذا ضاربُ زيدٍ أمسِ، مضافاً إضافةَ تخصيصٍ لا تخفيف، قال سيبويه: فإذا أَخْبر أن الفعل قد وقع وانقطع فهو بغير تنوينٍ البَتَّة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015