وما جاء مما خالف القاعدة فسماعٌ إلا الفصل باليمين فإن ظاهر كلامه هنا إجازته قياساً، لقوله: ((ولم يُعَبْ فصلُ يمين))، وهو الموضع الثاني من موضِعَي الفصل القياسيّ، يعني أنّ الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالقسم لم يعيبوه حتى لا يجئَ إلا في ضرورة الشعر، بل استسْهلوا أمره، ففصلوا به في الكلام لكن قليلا، فحكى الكسائي/: هذا غلامُ-واللهِ-زيدٍ (?)، ونُقِل ... 413 عن أبي عٌبيدة أنه حكى: ((إِنَّ الشاة تسمعُ صوتَ -والله-رَبِّها فتقبلُ إليه وتَثْغُو (?)))، وحكاه ابنُ خروفٍ عنه أنه سمع ابا الدُّقَيش يقول: ((إن الشاة تسمع صَوْتَ-قد عَلِمَ الله- رَبِّها، فتقبل إليه وتثغُو)). وهذا قسمٌ أيضاً، كما فَصلوا بين حرفِ الجرّ ومجروره بالقسم أيضاً، حكاه الكسائي في الاختيار، نحو: اشتريته بِوَالله درهمٍ، فتقول على هذا قياساً: رأيت غلام-والله-زيدٍ، وأتيت بعدَ -لعمروُ الله-عمروٍ، ونحو ذلك. ووجهُ استسهال الأمر في فصل القسم خصوصاً، حتى لم يشترطوا فيه شرطاً، أَنَّ العرب استعملته على جهة التأكيد زائداً على أصل معنى الكلام، كالجلة المعترضة في أثنائه، فكأنه لا فصل ثَمَّةَ، ولذلك وقع بين إِذَنْ ومنصوبها فلم يُعَدَّ فَصْلا، ولم يمنعها أن تُؤَثّر في الفعلِ فتنصبَه، فقالوا: إذنْ-والله-أكرمَك.
وهذا الموضعُ ممّا خالف فيه الجمهور من النحويين كالموضع الأول، فإن الفصل بين المضاف والمضاف إليه ممتنع في القياس عندهم بإطلاقٍ. ووجْهُ مذهب الناظم قد مرَّ آنفاً، مع أن السماع-وإن لم يكثر-فقد جاء منه ما يُمكن القياسُ عليه، وقد حَكى (?) الكسائي ذلك في الاختيار فيما هو