أراد: أو حين أقبل، كذا، قدرَّه ابنُ جني (?). فمثلُ هذا عنده غيرِ مقيس، وإنما جاز (?) ما تقدّم دون هذا لقلة هذا بالنسبة إلى ذاك، ولأن المضاف فيما تقدم لما كان مذكوراً مماثلاً للآخر، صار أحدهُما كأنه مغنٍ عن صاحبه، بخلاف ما استثنى فإنه لا دلالة في اللَّفظِ على المحذوف، فلم يكن من شأنِ اللفظ أن يَبْقى على حاله قبل الحذفِ، وصار كقبلُ وبعد وبابهما إذا قطعت عن الإضافة، تلحقها الأحكام التي من شأنها أن تلحق غير المضاف فلهذا فرّق الناظم بين الموضعين، وهو سديدٌ من النظر (?).
ويبقى هنا نظرٌ في المسألة في ثلاثة مواضع:
أحدها: النوع الأول، فإن الناظم ارتضى فيه الجواز قياساً، على تأويل حذف المضاف إليه من الأول. أما الجوازُ قياساً فهو أحد المذهبين على الجملة، وهو رأي الفراء والسيرافي. والجمهورُ على المنع، وهو مذهب سيبويه، لأنه لما أنشدَ بيتَ الأعشى المتقدّم أنشد معه بيتاً من الفصل، ثم قال: ((وهذا قبيح، يجوز في الشعر على هذا: مررتُ بخيرِ وافضلِ مَنْ ثَمَّ (?))). والراجح عند الناظم الأول، وذلك من جهة القياس والسماع.
أما السماع فقد كثُر فيه كثرةٌ توجب القياس وأن قلَّ في نفسه، فلا مانعَ من القياسِ عليه.