وقال في الشرح المؤلِّفُ: إنهما وغيرهما مما تقدم بُني لشبه الحرف لفظا من قَبلِ الجمود، وكونها لا تثنى ولا تجمع، ولا يخبر عنها، ولا تصغَّر (?)، ولا يُشتق منها. وبالجملة لا تتصرّفُ تصرّف السماء. وشبهه معنى من جهة الافتقار لما يُبين معناها لزوما، قال: فكان مقتضى هذا أن تُبنى أبداً، إلا أنها أشبهت الأسماء التامة الدلالة بأن أُضيفت إضافةً صريحةً، وبأن جُرِّدت تجريداً صريحاً قصداً للتنكير، فوافقتها في الإعراب، فإذا قُطعت عن الإضافة ونُوِى معنى الثاني دون لفظه أشبهت حروف الجواب في الاستغناء بها عن لفظ ما بعدها.
والحاصلُ لها الآن ثلاثةُ أحوال: حالُ التصريح بترك الإضافة عند قصد التنكير، وحالُ التصريح بالإضافة عند قصد التعريف، وحالُ تركِ الإضافة لفظاً وإرادتها معنى، فكان البناءُ مع هذه الحال الأخيرة أليقَ لأنها على خلاف الأصل، وبناءُ الاسم على خلاف الأصل، فَجَمع بينهما التناسبُ، وتعيّن كون الإعراب مع الحالين الأخيريين لأنهما على وَفْقِ الأصل، وإعراب الاسم على وفق الأصل. وإنما بُنيت على حركة للمزيّة الثابتة لها على مالم يُعْربْ قَطُّ، وكانت ضمةٌ لأنها حالة لا تعرب عليها قبلُ وبعدُ، وحًمِلت البواقي عليها، أو لأن الفتحة قد استحقَّها الإعراب ظرفا أو حالاً، والكسرة لم يُبن عليها لإيهام الجرّ بالإضافة، فلم يبق إلا الضمةُ.