بهذا لكان عكس الكلام: اخصُصَن الصفة بالنكرة دون المعرفة. وذلك صحيح. فالناظم إنما قصد العكس بحسب اللفظِ المقدّر الذكر مع الملفوظ به، فلا دَرْك عليه.
وأما القسم الثالثُ الذي يجوزُ فيه الأمران فأيُّ الشرطية أو الاستفهامية، وذلك قوله: ((وإن تكن شرطاً أو استفهاما)) .. إلى آخره.
ضمير ((تكن)) عائدٌ على ((أيّ)). و ((مطلقاً)): حال من التكميل المفهوم من قوله: ((كَمِّل))، على حدّ قولهم: ضربته شديداً.
يعني أن أَيّا الشرطية، وأيّا الاستفهامية، يَكمُلُ فيها الكلامُ بالإضافة مطلقاً، أي: سواءً أكانت الإضافة إلى معرفة أم نكرة، فالضمير في ((بها)) عائد على الإضافة المتقدمة الذكر؛ فتقول في الشرط: أيُّ الرجالِ يُكرمْنِي أكرِمْه، وأيُّ رجلُ يكْرِمني أكرِمْه. ومن الإضافة إلى النكرة ما أنشده سيبويه لابن هَمّامٍ السلولي (?):
لما تّمكَّنَ دُنياهم أطاعَهُمُ
في أيِّ نَحوٍ يُميلوا دينَه يَمِلِ
وتقول في الاستفهام: أيُّ الناسِ جاءك؟ وأيُّ رجلٍ جاءك؟ ومن النكرة قولُ الله عزَّ وجل: ((وسيعلم الذين ظَلَموا أَيَّ منقلبٍ ينقلبونَ (?))). ومن المعرفة قوله: (لنعلم أيُّ الحِزْبين أحصى لِما لَبِثُوا أمَداً (?)).