وهذا الشرط من الناظم يقتضي أن لا يجوز نحو: كلاكَ وكلا زيدٍ قائم، وكلتاك زولتا زينبَ قائمةٌ، لأن هذا تفريق. وأحسب أني وقفت على إجازته لبعض النحويين حملا على المعنى، لأن الكلام على معنى: كلاكما قائم، وكلتاكما قائمة. ولم يأت في ذلك سماع، ولكنّهم قاسوه/ 380 على إجازة ذلك في ((أيّ))، إذ جاء في كلام العرب نحو: أيّي وأيُّك كان شراً فأخزاه الله؛ لأن المعنى: أَيَّنا، وأيّ الثانية توكيدٌ كالمطّرح، فكذلك تكون كِلاَ الثانية هنا كالمطَّرحة. وأيضاً فقد قالوا: هو بيني وبينك، والمراد: بيننا، فتجوز مسألتنا كما يجوز هذا. فالناظم إمَّا أن يكون لم يرتضِ هذا المذهب لعَدَمه في السماع، أو لضعفه في القياس، وإمَّا أن يكون تركَ التنبيه عليه رأساً لِقِلَّة القائلين به، وغَرابة نقله.

فإن قيل: كلا وكلتا مما تلزم فيه الإضافة فلا يُفْردان أصلا كما يُفْرَدَ كُلٌّ في اللفظ وإن كان غير مُفْرَدٍ في المعنى، وإنما هما لازمان للإضافة اللفظية، وكلامُ الناظم هنا لا يُعطي لزومَ الإضافة وإنما فيه أَنَّ الإضافة لا تكون إلا للمثنى غير المفُرَّق، فقد يُتَوهَّم أنهما مما يصحّ فيه الإفراد.

فالجواب: أنَّه يؤخَذُ له لزومهما الإضافة من مَسَاقِ كلامه، فإن الفصل كله من لدن قوله: ((وبعض الأسماءِ يُضَافُ أَبَدا)) إلى قوله: ((وما يلي المضافَ يأتي خَلَفَا)) في الإضافة اللازمة، وإذا كان كذلك لم يضطَرَّ إلى التنبيه على اللزوم، بل إن أطلق القول فيها أخذت له على حقيقتها من مطلق اللزوم، ومفهومه الأول- وهو اللزوم لفظاً ومعنىً- وَإِنْ قَيَّدها فذكر فيها لفظاً، أخذنا به حيث ذكره، فلا إيهام في كلامه على هذا التقرير، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015