والثالثة: أنه حين نص على التزام جُمَل الأفعال كان ذلك نصاً في ارتضاء مذهب سيبويه ومخالفة غيره، وهو الأخفش ومن قال بقوله. والمسألة مختلفٌ فيها على ثلاثة أقوال:
أحدها: هذا، وهو التزامُ وقوع الجملة الفعلية مضافاً إليها، إلا أنه لا/ يلزم أن 375 يتصدر الفعلُ لفظاً بل يجوز أن يتصدر الاسم على أنه معمولٌ لعاملٍ مقدَّرٍ تصديُره، فنحو: إذا زيدٌ يقومُ، على تقدير: إذا يقومُ زيدٌ يقوم، كما تقدم.
والثاني: مذهب الأخفش، وهو جواز وقوع الجملة الاسمية مضافاً إليها إذا، ويستوي في ذلك أن يكون خبرُ المبتدأ فيها اسماً أو فعلاً، فيُجِيز أن تقول: آتيك إذا زيدٌ قادمٌ، فزيدٌ مبتدأ خبره قادمٌ، وأن تقول: إذا زيدٌ قَدِمَ، على أن يكون ((قَدِم)) خبر المبتدأ الذي هو زيدٌ.
والثالث: مذهبٌ لابن أبي الربيع بالفرق بين أن يكون الاسم الواقع بعد إذا مخبراً عنه بالفعل أو بالاسم، فإن كان مخبراً عنه بالاسم فالقولُ ما قاله سيبويه والجماعةُ من منع المسالة إلا أن يُسمع فيوقفَ على محلّه. وإن كان مخبراً عنه بفعل فالقول ما قال الأخفش؛ إذ لا يتعيّن ما قال سيبويه، وإلى هذا كان يذهب تلميذُه أبو اسحق الغافقي (?).
قال شيخنا الأستاذُ أبو عبدالله بن الفخار-رحمةُ الله عليه-: وخلافُ القوم مع الأخفش مبنيٌّ على تغليب ما ضمنته إذا من معنى الشرط، أو تغليب ما وضعت له من الزمان، فمن غَلَّب عليها أصل وضعها