مالك الصغرى وهي المسماة بـ (الخلاصة) شرحا يوضح مشكلها، ويفتح ويرفع على منصة البيان فوائدها، ويجلو في محك الاختيار فرائدها، ويشرح ما استبهم من مقاصدها، ويقف الناظر فيها على اغراضها من مراصدها، من غير اعتراض إلى ما سوى هذا الغرض، ولا اشتغال عن الجوهر بالعرض، فسمحت الأيام بما شاء الله أن تسمح وسرح القلم في ميدانه إلى ما قدر له أن يسرح، ثم عاق عن إتمامه بعض الأمور اللوازم، ودخلت على فِعلَي الحال فيه أدوات الجوازم، فثنت عنه عناني وأمسكت عن التفكير فيه جناني، وبعد بُعدٍ وانتزاح ثابت إلى نفسي، وتخلصت من تقييد تشخصي بالرجوع إلى أبناء جنسي، فقد بقي بعض من اعتمد على صفاء وده وإخلاصه، إلى تمام ذلك المقصد وخلاصه، وحين رفع عني حجاب العذر، انتدبت إلى الوفاء بذلك النذر، مستندا إلى منّ الله وطوله وخارجا من حولي إلى حوله، وهو المسئول أن يسنى مقاصدنا لديه، وأن يقف آمالنا عليه، فإنه لا ملجأ ولا منجأ منه إلا إليه، وأنا أعرف ان الناظر فيه أحد ثلاثة:
إما عالم طالب للمزيد في علمه، وأقف من أدب العلماء عنده مده ورسمه، موقن أن كل البشر سوى الأنبياء غير معصوم، آخذ بالعذر في المنطوق به من الخطأ والمفهوم، فلمثل هذا بثثت فيه ما بثثت، وإليه حثثت من خيل عزمي وركاب فهمي ما حثثت، فهو الأمين على إصلاح ما تبين فساده، حين تخلق بأخلاق أهل العلم والإفادة.
وإما متعلم يرغب في فهم ما حصل، ويسعى في بيان ما قصد وأشكل والنفوذ فيما قصد وامل، فلأجل هذا حالفت عناء الليل والأيام، واستبدلت التعب بالراحة والسهر بالمنام، رجاء أن أكون ممن أثر بما أسدي إليه،