يصح الكلام مع عدم تقدير الزمان أصلًا.

فالجواب: أن الناظم ليس في كلامه ما يدل على أن مذ ومنذ هنا مبتدآن، وإنما دل كلامه على أنهما مبتدآن إذا وقع بعدهما المرفوع، وهو الموضع الأول. وأما هنا فإنما قال: (أو أوليا الفعل) وإبلاؤهما الفعل يحتما أن يكون على ذلك، أو على أنهما ظرفان لا مبتدآن، لكن لما جعلهما مبتدأين لا يصح معه أن يكون الفعل خبرًا من غير تقدير زمان، وكان جعلهما ظرفين يصبح معه أن يكون الفعل خبرًا من غير تقدير زمان، وكان جعلهما ظرفين يصح معه وقوع الفعل خبرًا من غير افتقار إلى تقدير، كان الواجب أن يعتقد أنهما هنا ظرفان عنده لأنه لو كان عنده مبتدأين لم يسغ له السكوت عن تقدير الزمان؛ إذ لا يصح الكلام إلا بتقديره، فلما لم يفعل ذلك أشعر بأنهما عنده في هذا الموضع ظرفان، وهو الظاهر من سيبويه، وإياه ارتضى في شرح التسهيل، ويتحصل إذاك في مذ ومنذ إذا رفعا أو أوليا الفعل ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهما مبتدآن بإطلاق، ويقدر مع الفعل زمان.

والثاني: أنهما ظرفان بإطلاق.

والثالث: ما رآه هنا من التفرقة بين أن يقع بعدهما المرفوع فيكونان مبتدأين، وبين أن يقع بعدهما الفعل فيكونان ظرفين.

ووجه التفرقة على هذا التنزيل: أن الاسمية مع المرفوع على غير الظرفية أولى لما تقدم. وأما مع الفعل فظاهر أن مذ ومنذ معه على حد سائر الظروف من الإضافة إلى الفعل، فكان القول بذلك الظاهر فيهما، وأن يكونا متعلقين بما قبلهما أولى لا سيما إذا كان جعلهما هنا اسمين يلزم منه تكلف الإضمار، وما الكلام غنى عن تقديره، وأيضًا فتصير الجملتان بذلك جملة واحدة، فهذه أمور ترجح القول بهذا مع موافقة ظاهر الكتاب، وعليه جماعة كابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015