بها لتوصل معاني الأفعال إلى الأسماء وتضيفها إليها، وإضافة معاني الأفعال إلى الأسماء لا تتصور إلا في الحروف، فإذا قلت: جلست فوق الحصير، كان الفعل واقعًا بمدلول (فوق) لا بمخفوضها، فدل ذلك على انتقاء المرادفة، فلا يصح إن قال: إن (على) بمعنى فوق، إذا قلت: جلست على الحصير.

أما إذا تعين ذلك فلا محيص عن القول به، وذلك إذا دخل عليها حرف الجر كما تقدم، وأيضا فإن دعوى من ادعى أن لها موضعًا من الإعراب في كل موضع غير ظاهرة؛ إذ لا دليل يدل على إن قولك: جلست على الحصير، (على) فيه في موضع نصب، وإنما كان يكون الدليل على ذلك لو وقعت فاعلة أو مفعولًا بها كالكاف، أو مضافًا إليها، فعند ذلك يتعين كونها في موضع الإعراب.

وأما إذا قلت: جلست على الحصير، فلا دليل فيه لإمكان أن يكون الواقع في موضع النصب المجرور لا (على).

فإن قيل: إن الظرفية ظاهرة المعنى فيها، فهو الدليل. قيل: إن كان معنى الظرفية هو الدليل لا على أنها في موضع نصب، فليكن ذلك دليلًا في (في) إذا قلت: قعدت في الدار، فهي أولى بذلك، وكذلك الباء بمعنى (في)، وإذ ذاك يلزم اسمية هذه الحروف. وهذا كله شنيع من القول، ومخالفة للإجماع، ثم إنا نقول: إن (على) لا يفهم منها الظرفية، وإنما يفهم منها معنى الاستعلاء، ولو كان معنى (على) الظرفية، وأنها مرادفة لـ (فوق) للزم أن يكون معنى: على زيدٍ مال، فوق زيدٍ مال، وأن توضع موضعها (فوق) في كل موضع، وذلك غير صحيح. ومثله يشنع في نحو: {توكلت على الله}. {ولا تقولوا على الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015