{عسى الله أن يتوب عليهم}. / بناء على جريانه على قانون كلام العباد، فباء الآلات التي تسمى في الاصطلاح باء الاستعانة كلعل وعسى اللتين تسميان حرفي ترج، والترجي والاستعانة على الله محال.
فإذا قيل: لا يقول ابن مالك لأن لعل وعسى للترجي في الآيتين، بل للتعليل. قيل: فقد قال: إن لعل في قوله: {لعلك باخع نفسك}. إنها للإشفاق، ونسبة الإشفاق إلى الله عز وجل كنسبة الترجي إليه في أن ذلك عليه مستحيل.
فإن قيل: فإن في ذلك الإطلاق إبهامًا فيجتنب.
قيل: فكذلك في إطلاق لفظ الترجي والإشفاق، فكما يسوغ أن تقول في (لعل) مثلًا أنها للترجي أو للإشفاق بإطلاٍق، مع تنزه الله عن الاتصاف بهما، فكذلك تقول في الباء إنها للاستعانة إذا دخلت على الآلات بإطلاق مع تنزه الله عن الاستعانة.
والثاني: أن معنى الاستعانة لا يلزم فيه أن يكون المستعين مفتقرًا إلى الآلة المستعان بها ولا بد، بل معنى ذلك إيقاع الفعل بآلةٍ، وقد يكون الفاعل غنيًا عن الآلة، وقد يكون مفتقرًا إليها، فلا يكون معنى الاستعانة مفهومًا من هذا الاصطلاح، ولا فرق بين قولك: باء الاستعانة وبين قولك: الباء الداخلة على الآلات، أو الدالة على أن المجرور بها آلة، أو نحو ذلك، فالخلاف إذًا في لفٍظ ليس تحته معنى يخالف فيه.
فإن قيل: كيف يصح أن ينسب إلى الله تعالى الفعل بآلة.