جاءت الباء للتعدية في نحو: ذهبت به بمعنى أذهبته، كقوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم}. فلم لا تكون اللام كذلك؟

والجواب عنه: أن ذلك لم يثبت في اللام، كما ثبت عند الجمهور في الباء؛ إذ لا يقال: دخلت لزيٍد، بمعنى أدخلته، كما يقال: دخلت به، فالتعدية على هذا المعنى غير ثابتٍة للام مطلقًا، بل ولا لحرٍف من حروف الجر عند المبرد.

وأقرب ما يعتذر به عنه أن يريد بلام التعدية اللام التي تلحق المفعول به للمتعدي في الأصل بنفسه لضعٍف لحقه أن يبقى على أصله، فكأنه لما ضعف عن تعديه بنفسه بإطلاٍق قوي باللام، فصارت اللام لاختصاصها بتقوية ما صار ضعيفًا تسمى لام التعدية، ولذلك مواضع:

أحدها: أن يتقدم معمول الفعل المتعدي بنفسه، فيجوز دخول اللام على المفعول قياسًا، فيتعدى الفعل بها، نحو قولك: لزيٍد ضربت، ولزيٍد أعطيت درهمًا. وفي القرآن/ الكريم: {إن كنتم للرويا تعبرون}. ويقاس على هذا، ولا يقتصر به على السماع.

والثاني: ما كان من العوامل فرعًا عن الفعل المتعدي بنفسه كاسم الفاعل، والمفعول، وأمثلة المبالغة، فإن الفرع لا يقوى في أحكامه قوة الأصل، نحو: هذا ضارب زيدًا، فتقول: هذا ضارب لعمرٍو. ومنه في القرآن: {إن ربَّك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015