((يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)) فعاملها معاملة العاقل حين وصفها بم يختص بالعاقل وهو السجود، وأنشد في "شرح التسهيل" قول الشاعر -يصف قوسا ونبلا-:
لها فتية ماضون حيث رمت بهم ... شرابهم قان من الدم أحمر
قال: وهذا مطرد فيما جرى هذا المجرى مما لا يعقل، فإن كان الناظم لم يعرض لهذا النوع، بل أخرجه بقوله: (مذنب) من حيث لا تكون هذه الصفة إلا لمن يعقل، وهو الظاهر، فيكون هذا النوع عنده غير مقيس، وهو الذي يظهر من سيبويه وغيره، وإن كان إنما أراد بقوله: (مذنب) أن مثل هذه الصفة التي هي جارية على العاقل وخاصة به تجمع هذا الجمع مطلقا سواء استعملت على حقيقتها، أم جرت على غير عاقل كما جرى (ماضون) في البيت على النبل لما عبر عنها بعبارة من يعقل، وذلك فتية فكذلك يكون لفظ (مذنب) فقد تجريه على ما يتعاصى عليك فيما تريد منه، كبعض الدواب والآلات فتقول: هؤلاء عبيد مذنبون وعاصون فإن تأتت لك وانقادت قلت: هؤلاء مطيعون كما قال في البيت (ماضون حيث رمت بهم) فالحاصل: في هذا الوجه اشترط كون الصفة في الأصل تجري على العاقل، وفي الأول جريانها عليه في الحال، وهذا أظهر في المقصد النحوي،