فقولك: جاء زيد وقد ركب هو الأصل، فإن قلت: جاء زيد وركب، فيجوز لكن على تقدير قد، فإن لم تقدرها لم يجز أن تكون حالًا، ويلزم ظهورها عند ابن مالك إذا لك يكن في الجملة ضمير يعود على ذي الحال، نحو قول امرئ القيس:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل
وقول النابغة:
فلو كانت غداة البين منت ... وقد رفعوا الخدور على الخيام
وقول علقمة:
فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم ... وقد حان من شمس النهر غروب
وسبب التزام قد لفظًا أو تقدير أمران:
أحدهما: أن الفعل الماضي لا يدل على الحال، فينبغي ألا يقوم مقامه.
والثاني: أنه إنما يصلح أن يوضع موضع الحال ما يصلح أن يقال فيه الآن أو الساعة، وهذا لا يصلح في الماضي فينبغي ألا يكون حالًا، ولهذا لم يجز أن يقول: مازال زيد قام، ولا: لبس زيد قام؛ لأن ما زال وليس يطلبان الحال، وقام فعل ماضي الزمان، فلو جاز أن يقع الماضي حالًا لجاز هذا، وأيضًا فإذا لم يقع المستقبل في المعنى حالًا إلا بتأويل، نحو: زيد في يده اليوم صقر صائدًا به غدًا، فهو على تقدير: مقدرًا اليوم الصيد به غدًا، فكذلك لا يجوز في الماضي إلا بقرينه تقربه في الحال، وذلك قد، فإنها تقرب الماضي إلى الحال؛ ولذلك كان جوابها، لما يقم. ولما لنفي الماضي المتصل بزمان الحال، ولذلك تقول: قد